مساءَ يوم الثلاثاء الواقع فيه الواحد والعشرون من كانون الثاني 2014، لبَّى
اللقاءُ الرعائي الأرثوذكسي دعوةَ اللقاءِ الأرثوذكسي اللبناني الى إجتماعٍ موسع عُقدَ
في أوتيل ريفييرا ببيروت تخلَّله عشاءٌ تعارفي. وكان هدفَ الإجتماع الترحيبُ بوفدٍ
برلماني روسي ضمَّ الى النوابِ الروس عدداً من الكهنة، وجاءَ الى لبنان وسوريا
لتقديم المساعداتِ العينية للنازحين والمهجرين السوريين. وسبقَ الإجتماعَ في أوتيل
ريفييرا زيارةُ الوفدِ الروسي لدير البلمند ومقابلةُ غبطة البطريرك يوحنا العاشر.
أما إجتماعُ الريفييرا فضمَّ، إضافةً الى اللقاء الرعائي الأرثوذكسي، حركةَ
الشبيبة الأرثوذكسية، والرابطةَ اللبنانية للروم الأرثوذكس، والكشافَ الوطني الأرثوذكسي، والمجلسَ الأرثوذكسي اللبناني، وتجمعَ العائلات
الأرثوذكسية في بيروت، وحزبَ المشرق والجمعيةَ الأمبراطورية اللبنانية. قدَّمَ كلُّ
فريقٍ مشاركٍ جمعيتَه، ملخصاً تاريخَها وشارحاً أهدافَها. أما السفيرُ الروسي
السيد زاسبكين ورئيسُ الوفد الروسي فشدَّدا على إنَّ إحدى أولويات السياسة الروسية
الحالية في الشرق هي حمايةُ المسيحيين وتأمينُ بقائِهم في بلادهم، وأنَّ هذه
السياسة تقتَضي التواصلَ مع الروم الأرثوذكس الذين هم من أركانِ هذه المنطقة
الجغراقية العريقين والأساسيين وهمْ أقربُ الفرقاء دينياً وحضارياً الى الشعبِ الروسي.
وفي نهايةِ الإجتماع الذي دامَ قرابةَ الثلاثِ ساعات، إقترحَ أمينُ عام اللقاءِ
الأرثوذكسي النائبُ السابق السيد مروان أبو فاضل أن تلتقي لاحقاً الجمعياتُ
المشاركةُ لتبحثَ في التعاونِ الوثيقِ فيما بينِها لتسهيلِ التواصلِ مع الجهاتِ
الخارجيةِ التي تُفضِّلُ الإصغاءَ الى صوتٍ ارثوذكسي موحدٍ.
مثَّلَ اللقاءَ الرعائيَ الأرثوذكسيَ في هذا الإجتماع
كلٌّ من البروفسور نجيب جهشان والسيد سمير كامل، في حين مثَّلَ البروفسور نقولا
لوقا حركةَ الشبيبة الأرثوذكسية. وألقى البروفسور جهشان كلمةَ اللقاءِ الرعائي والتي
جاء فيها ما يلي:
" بعيداً عن أيِّ منحىً أو هدفٍ سياسي،
تأسَّسَ اللقاءُ الرعائيُّ الأرثوذكسي في 13 تشرين الثاني 2010 ضامّاً مؤمنين من
كافةِ أبرشيات الكرسي الأنطاكي في لبنان وسوريا تَجمعُهم الغيرةُ على الكنيسةِ
ويهمُّهُم ما يَعترضُها من مشاكل.
ولقد درسَ اللقاءُ في ثلاث مؤتمراتٍ متتالية الإشكالياتِ التي تعترضُ حُسنَ
الحياةِ الروحية والإشكالياتِ التي تشوبُ الحياةَ الرعائية، فتبيَّنَ له بأن
خَللاً يَعتري الرعايةَ في الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية يُؤدّي الى تَباعدِ
الرعايا وتقاعسِ المؤمنين وتراجعِ دورِ الكنيسة في المجتمع وأُفولِ نفوذِ الطائفةِ
في السياسة اللبنانية. ويرى اللقاءُ الرعائيُ الأرثوذكسي بأنَّ هذا الخللَ يعودُ
لأسبابٍ كثيرة نَذكرُ، من أهمِّها، إفتقادُ الكنيسة الأنطاكية الى مؤسساتٍ مجلسيةٍ
رعائيةٍ، تعمل بتوجيهات الرئاسات الروحية، ويلتقي فيها الإكليريكيون والعامةُ
بهدفِ إدارةِ المؤسساتِ والنهوضِ بالشؤون الإجتماعية والتربوية والثقافية الخاصة
بأبناءِ الكنيسة.
واهتمَّ هذا اللقاءُ، منذ نشأته، بالسعي لتقويم هذه الحال فإتَّصَلَ
بالرئاساتِ الكنسية والمراجع ذاتِ النفوذ في الطائفة، وحَثَّهم على تفعيلِ
الأنظمةِ الكنسية وتطبيقِ ما لم يُطبَّقْ منها الى اليوم. لكنَّ هذا السعيَ
إصْطدَمَ بالأزماتِ السياسية اللبنانية المتلاحقةِ وبالحربِ السائدة في سوريا، هذه
الحربُ التي زادَت من إحباطِ المسيحيين اللبنانيين عامة والأرثوذكسيين خاصة، والتي
فاقَمَت من يأسِهم من مستقبلِ المشرقِ ولبنان، ودَفعتْهُم الى الهجرةِ والعمل خارج
الوطن. وترافقَ هذا الإحباطُ مع تراجع الدورِ المسيحي في السياسةِ اللبنانيةِ
وتَقلُّصِ الوجودِ الأرثوذكسي في الإداراتِ العامة. ولا يخفى على أحدٍ بأنَّ عدمَ
الاستقرار في الربوع السورية والأذى الذي يلحَقُ بالمسيحيين السوريين أحباراً
وأفراداً وكنائسَ وأدياراً ومعالمَ دينيةً وأثريةً له أيضاً كبيرُ الأثر علينا في
لبنان لسببِ إنتمائِنا المشتركِ الى كنيسةٍ أنطاكيةٍ واحدة وحملِنا المشتركِ لإرثٍ
ثقافيٍ وروحيٍ عظيمٍ عمرُه ُالفا سنة.
إنّ تفعيلَ الحياةِ الرعائيةِ في البطريركيةِ ألأنطاكيةِ لن يصلَ إلى
ملئِهِ إلاّ بحلولِ السلام في ربوعِنا وانتشارِ الإستقرارِ في مجتمعِنا. حينذاك،
تتَفرغُ الرئاساتُ الروحية الى إهتماماتِها الرعائية وتهدأُ نفوسُ المؤمنين وتنهضُ
القوى الفاعلةُ في الكنيسةِ ناشطةً وناشدةً التطوُّرَ في كافةِ أوجهِ الحياةِ الروحية
والإجتماعية والإقتصادية والثقافية. أمّا حالُنا اليومَ فلا توحِي بالسلام ولا
تبشِّرُ بالإستقرار لأنَّ المسيحيَّ المشرقيَّ ينتابُهُ خوفٌ عظيمٌ ويَستشعرُ
بأخطارٍ كثيرةٍ تُهدِّدُه بسببِ ما يرى من هًولٍ يُحيطُ به ومن مجازرَ تُرتكبُ في
وطنِه، هذا الوطنُ الذي كانَ هوَ في أساسِه ومنشَئِه، هذا الوطنُ الذي وَطأتاه
قَدَما المسيح والذي دُعِيَ المؤمنون بيسوع مسيحيين فيه لأولِ مرةٍ في
التاريخ.
إنَّنا نعتقدُ بأنَّ للدولِ ذاتِ الإرثِ الثقافي ألارثوذكسي القائمةِ في
أوروبا الشرقية، وفي مقدَّمِها دونَ منازع روسيا الإتحادية، دوراً أساسياً في فرضِ
الإستقرار على أرضِنا، أرض المسيح المقدسة، لأنَّها تشاركُنا الإرثَ الروحيَ
والثقافيَ والأخلاقيَ ذاتَه، ولها دونَ أدنى شكٍ رؤيةٌ روحيةُ سلاميةٌ مستقاةٌ من
ثقافتِها المسيحيةِ العريقةِ التي نشأتْ على أرضِنا وتعزَّزَت في بلادِ الروم
قاطبةً وحطَّتْ رِحالها عندَ الروس حينما إقتبلوا سِرَّ العمادِ المقدس عام 988.
إن اللقاءَ الرعائيَ الأرثوذكسيَ يُرحِّبُ بكم أحرَّ ترحيبٍ ويُذكِّرُكم
بهذه الأمانة التي أُعطِيت لكم، علَّكمْ تكونون لنا سَنَداً في هذه الأيام
العصيبة، فتساهمونَ في فرضِ السلام على أرض السلام. ولكمْ منَّا سلفاً كلَّ شكرٍ
وكلَّ محبةٍ. عشتم وعاشت أنطاكية وعاشت روسيا وعاش لبنان."
No comments:
Post a Comment