Tuesday, January 7, 2014

بيان صادر عن اللقاء الرعائي الأرثوذكسي 25 كانون الأول 2013 و6 كانون الثاني 2014

لمناسبةِ عيدَي الميلادِ والظهور الالهي اللذَين يُجسِّدان محبة الله للبشر والذي أرادَ، بفائق رحمتِه وعطفِه، انْ يتنازلَ ويتجسَّدَ لأجل خلاصِنا، يُوجِّهُ اللقاءُ الرعائي الأرثوذكسي أسمى التهاني بأعيادٍ مجيدةٍ، ضارعاً الى الله بأن يَشملَ جميعَ بني البشر برحمتِه ومحبتِه، وأن يمُنَّ عليهم بسنةٍ جديدة يسودُها السلامُ الحقيقي، وتخلو من الحروبِ والنزاعاتِ والكوارثِ والجوع، ويميِّزُها التعايشُ الصادقُ والإيمانُ الحقيقيُ والتقدمُ الإجتماعيُّ والثقافيُّ والعلميُّ، فتهنأ حياةُ الأمم وتستقرُّ أحوالُها على هذه الأرض التي سلَّمَنا إياها الله أمانة، طالباً منّا رعايتَها والعناية بها وحفظَها بسلام.
إن اللقاءَ الرعائيَّ الأرثوذكسي تاسَّسَ سنة 2010 وهو يضمُّ العديدَ من أبناءِ الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية من مختلفِ الأبرشيات في لبنان وسوريا. وهو يَسعى منذ سنتَين ونيف، لدى الأوساطِ الدينية الإكليريكية وفي كافةِ المجموعاتِ الأرثوذكسية، لتفعيلِ الحياةِ الرعائيةِ وتطويرها والإضاءةِ على مشاكل الكنيسةِ في لبنان والمشرق، بهدفِ التعاونِ بين الإكليريكيين وغير الإكليريكيين لإيجادِ الحلول المناسبةِ لها.
ولعلَّ من أبرزِ النقاطِ التي رأى اللقاءُ حاجةً لطرحِها ومعالجتِها، كانَت قضيةُ المشاركةِ في الحياةِ الكنسيِّة، ذلك أنَّ الواقعَ أظهرَ أنَّ ثمَّةَ شَوائِبَ تَعتَوِرُ العلاقاتِ بين بعضِ الرعاةِ والرعايا، فيُسْتبعَدُ المؤمنون غالباً عن القرارات الهامة التي تعني الكنيسة الأنطاكية المقدسة، بخاصةٍ تلك المتعلقة بإدارةِ المؤسساتِ الكنسية. وهذا ما حمل اللقاءَ الرعائي الأرثوذكسي الى إصدارِ منشورٍ يحدِّدُ إشكالياتِ المشاركة في حياة الكنيسة، ويدعو، كخطوةٍ أولى في سبيلِ حَلِّها، الى وضع التشريعاتِ القانونية الكنسية التي صَدَرَتْ عن المجمع الأنطاكي المقدس سنة 1973 حَيِّزَ التنفيذِ الفعلي.
يرى اللقاءُ الرعائيُّ الأرثوذكسيُّ أنَّ هذه التشريعات الكنسية القانونية وُضِعَت لتنظيمِ حياةِ الكنيسةِ الأنطاكية الأرثوذكسية، فدعت الى إنشاءَ مجالسِ المشاركة على كل صعد الحياة الكنسية، مما يعززَ أيضاً مصداقيةَ المؤسساتِ وشفافيتَها. لكنَّ السلطاتِ الكنسية أهمَلتْ، في كثيرٍ من الأحيان، تطبيقَ هذه التشريعات ولمْ تَدعُ لتأسيسِ تلك المجالس، مما أدَّى الى إنزواءِ المؤمنين وخُمولِهم وعدمِ إكتراثِهم، وأضعفَ قدراتِ الكنيسةِ وقلَّصَ نفوذَها في الطائفةِ والمجتمع، وأوْهَنَ دورَها الروحيَّ والإنسانيَّ العظيم.
و جاءَت الأزماتُ السياسيةُ اللبنانيةُ المُستدامةُ لِتُفاقمَ إحباطَ المسيحيين اللبنانيين ويأسَهم من مستقبلِ المشرق عامةً ولبنان خاصةً، وتشجيعَهم على الهجرةِ والعمل خارج الوطن، وإبتعادَهم التدريجيَّ عن الكنيسة وأسرارِها ومؤسساتِها. وترافَقَ هذا الإحباطُ مع تراجع الدورِ المسيحي في السياسةِ اللبنانيةِ وتقلُّصِ الوجودِ الأرثوذكسي في الحياةِ العامةِ والإدارات.
أما الحربُ الدائرة في سورية فزادَتْ الطينَ بلَّةً بسببِ تزعزع الإستقرارِ في الربوع السورية وإشتدادِ الضيقةِ الإقتصادية والإجتماعية. وإضْطرَّت الآلافَ من المسيحيين السوريين الى مغادرةِ مدنِهم وقراهم واللجوءِ الى مناطقَ أخرى أو الإغترابِ عن الوطن. كنائسُ عديدةٌ دُمِّرَت أو دُنِّسَت، معالمُ دينيةٌ مسيحية حُرِقَت أو أُزيلت من الوجود. وكانَ لإختطافِ مطرانَي حلب الغامض وإستشهادِ عددٍ من الكهنةِ دَوراً كبيراً في إحباطِ المسيحيين السوريين بدَورِهم وتَعزيزِ الشعورِ بالخوفِ وضبابيةِ المستقبلِ لديهم. وجاءَ أخيراً إعتقالُ راهباتِ دير القديسة تقلا في معلولا لِيُعطيَ البرهانَ بأنَّ جميعَ مناطق سوريه بلا إستثناءٍ مهددةٌ بالخرابِ، وجميعَ فئاتِ الشعبِ معرضةٌ للإضطهادِ دونَ رادعٍ أمنيٍّ أو سياسي أو أخلاقي.
لذلك، فاللقاءُ الرعائيُّ الأرثوذكسيُّ يجِدُ لِزاماً عليه، في هذه الظروف، أن يقرَعَ ناقوسَ الخطر ويُصدِرَ هذا النداء: